الاثنين، 29 ديسمبر 2008

إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ - مجزرة غزة -



بسم الله الرحمن الرحيم



قال الله سبحانه وتعالى:
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ )
*****

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم:
(مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى )
*****

إذا اشتكى مسلم في الصين أرَّقني * وإن بكى مسلم في الهند أبكاني
ومصر ريحانتي والشام نرجستي * وفي الجزيرة تاريخي وعنواني
وحيثما ذكر اسم الله في بلد * عددت أرجاءه من لب أوطاني
*****

لا أدري
أأعزي شعوبا لم يصطفي الله منها الشهداء؟
أم أهني أهالي من ارتقى الجنان من الشهداء؟
لا أدري
أأرفع رأسي بصمود الأبطال المجاهدين؟
أم أطأطئ رأسي من خيانة إخوة مجاورين؟
لا أدري
أأبكي هواننا على الناس وواقعنا؟
أم أفرح لبقاء جذوة الإيمان في عواطفنا؟
*****

مشاعر مختلطة لا أقدر معها على ترتيب أفكاري
قبل الختام
أعتذر فإن هذه التدوينة ليست بمقدار الحدث ولكني
(إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ)
فهو مولانا ونعم المولى ونعم النصير
***


وختاما


للأبطال المجاهدين في فلسطين
نحن معكم بأرواحنا، ودعواتنا
اللهم صوب رميهم، وثبت أقدامهم
اللهم آمين آمين آمين


الأربعاء، 10 ديسمبر 2008

خواطر في ظلال الأسس البنيوية لفكر الحداثة الغربية

خواطر في ظلال الأسس البنيوية لفكر الحداثة الغربية
من وجهة نظري أذكر ثلاثة من مظاهر المادية التي غزت مجتمعاتنا المسلمة:
  • أن ينحصر همّ المسلم عند تأمين قوت وسكن ومستقبل نفسه وعياله، دون أن يكون لإخوانه المسلمين نصيب من همّه. فلا يتألم بمصابهم فيقف معهم، ولا يتكدر لحاجتهم فيعينهم، ولا يشفق على ضالهم فيرشده. وكم ينافي هذا معاني الأخوة والجسد الواحد للأمة!
  • أن يقاس نجاح الدعوة أو الداعية بالاستقراء ونتائجه من عدد المتأثرين والمتبعين، ونأخذ من قوله تعالى: ( فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ) الإشارة إلى أن نجاح الداعية في دخوله الجنة وطريق إلى ذلك أداء مهمته على أكمل وجه، فليس فوزه بعدد الأتباع وإنما بدار المآل. وليس العدد إلا مؤشر إضافي بعد مؤشر النجاح، ولهذا فنحن نؤمن بنجاح سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في مهمته في مكة قبل الهجرة وإن لم تدن له، ونؤمن بنجاح نوح عليه الصلاة والسلام في دعوته وإن لم يؤمن معه إلا قليل.
  • أن يكون العطاء مقصورا على قدر الأجر الدنيوي أو أقل منه، وليس بقدر الإتقان والاستطاعة، وفي الحديث أن الله يحب إذا عمل أحدنا عملا أن يتقنه. وما يحزن هو تفشي هذه الظاهرة على مختلف الأصعدة حتى في المجالات الدعوية المباشرة.

هذا والله أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الأسس البنيوية لفكر الحداثة الغربية

بسم الله الرحمن الرحيم

تلخيص كتاب
الأسس البنيوية لفكر الحداثة الغربية
د. محمد عادل شريح
دار الفكر – 2008
مقدمة
الحد الفاصل بين العصور الوسطى والأزمنة الحديثة هو العام 1500 تقريبا. والتغيرات الفكرية التي حدثت بين هذين العصرية نقلت الحضارة الغربية ومن بعدها الإنسانية نقلة نوعية كبير، حتى صنعت الحضارة الغربية الحديثة ما هو أقرب إلى الخروج من التاريخ وانكسار الزمان عن مساراته.
وإن توسع الحضارة الغربية واحتكاكها بالعالم العربي طرح التساؤلات عن ماهية الذات والهوية الحضارية وتحديدها، والسبب في ذلك الشعور بأن الحضارة الغربية تسعى دائما نحو نفي الآخر وابتلاعه والحلول مكانه، وهذا ما ترفضه الشعوب والحضارات الأخرى وخيار الجزء الأكبر من جسمنا الاجتماعي هو أن نكون، وهذا هو الذي أدى إلى عدم قدرة المستغربين على الاندماج العضوي في المجتمع الأم وإن حملوا رغبة صادقة لذلك. وفسر الكاتب هذا بما سيصل إليه في تسلسل كتابه من أن الحضارة الغربية ولعوامل ذاتية داخلية مرتبطة بالبنى الفكرية القائمة عليها هذه الحضارة، كانت عاجزة عن التفاعل الإيجابي والتجانس مع الحضارات الأخرى.
وقبل تحديد الموقف من هذه الحضارة يجب أن نفهم مرتكزاتها، وعليه إذا كان من المناسب التعامل معها بالانتقائية دون رفضها كليا أو قبولها كليا. وقد تطور فكر الحداثة الغربية في المراحل التالية.
الإنسانوية Humanism (ليست الإنسانية Humanitarianism)
وكانت مناخا مهيمنا عبر عن نفسه من خلال الأدب والأخلاق أكثر منه من خلال المذهب الفلسفي المتكامل حيث كان دافعه الثورة على الفكر المسيحي والتحرر من أي سلطان وتثبيت الفردية المطلقة. وهذا ما يجعل فساد أخلاق رجل النهضة جزء من نزعته الفردية التي ترفض وجود أي مستوى أعلى من مستوى الوجود الفردي بحيث تجعل الإنسان مقياس كل شيء. وهذه الفكرة في أن على الإنسان أن يضع معاييره الخاصة للخطأ والصواب، والخير والشعر والجميل والقبيح، هي مضمون الليبرالية. وباختصار فإن الإنسانوية هي تأليه الإنسان.
العقلانية Rationalism (الحديثة)
إذا كانت الإنسانوية هي الدين الجديد فإن العقلانية هي الكنيسة المقدسة لهذا الدين. وتتمثل في أن كل موجود معقول، وكل معقول موجود، ومنها عبارة "أنا أفكر إذن أنا موجود" فما يقر بوجوده الفكر موجود، وما يقر بعدمه غير موجود. وهي العبارة الديكارتية التي جعلت الإله معتمدا في وجوده أو عدم وجوده على ما تقره الذات المفكرة، وهذه الفكرة التي نبع منها السؤال الإلحادي: هل خلق الله الإنسان؟ أم أن الإنسان هو الذي خلق الله؟
وهذه العقلانية الحديثة أثبتت الفردية أساسا للعملية المعرفية فنفت المعرفة النبوية عن طريق الوحي بحصر المعرفة الإنسانية بالمعرفة العقلية المستقلة أو المقرونة بالحس والتجربة. وانتهت العقلانية إلى نفي المعرفة ذاتها بجعل المعارف التي عندنا ليست إلا تصورات وتكييفات عقولنا لذواتها الغير قابلة للمعرفة، ومن ثم إلى تعميم الفهم المادي على الإنسان مما أدى إلى فصل النفس عن العقل، الذي ربط المعرفة بنتائجها العلمية وفصلها عن الأخلاق.
الطبيعية Naturalism و التأليه الطبيعي Deism
وهي المذهب الفلسفي في أن الطبيعة هي الوجود كله، وأن لا وجود إلا للطبيعة، أي الظواهر المادية في عالم الحس والتجربة، مما يعني استبعاد كل مؤثر يجاز حدود هذه الطبيعة، وهذا الذي ينفي تدخل إله في هذا حركة الكون ولكنه يحافظ على اعتقاده بأن إله هو الذي أعطاه الدفعة الأولى ليستمر في الحركة ضمن القوانين التي وضعها سابقا. ويقربونه بمثال صانع الساعة والبندول الذي يحتاج للدفعة الأولى ليستمر في الحركة. وهي المرحلة الانتقالية نحو الإلحاد والمادية.
التقدمية Progress
وهي استبدال لمبدأ العناية الإلهية الذي يسير العالم ضمن القوانين التي وضعها بمبدأ آخر أطلق عليه قانون التقدم الذي يشترطون له استمرارية الزمان. وبدلا من أن المحرك في المبدأ الإلهي هو الوصول للفردوس، المحرك هنا هو الوصول للفردوس الأرضي الذي سيحققه الإنسان بتقدمه. وبهذا يكون التهميش للوجود الإلهي والتثبيت للمادية والفهم المادي. والدليل أن هذا التقدم أعطى ثماره في انجازات مادية فقط، والتي استيقظ بعض المفكرين الغربيين على آثارها الجانبية وأخذوا يتحدثون عن أزمة الحضارة المادية وما قادت إليه من أزمات اجتماعية وأخلاقية.
ويذكر أن التقدمية فقدت بريقها في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، بعد أن لعبت دورها في استكمال رسم الصور المادية للوجود، إلا أنها ما زالت شديدة الانتشار في بلادنا.
الوضعية Positivism
وهي محاولة لمنهجة وتثبيت الفكر الإنسانوي، وهي مذهب فلسفي يتمثل في رفض الفلسفة لتأكيد إنكار ما وراء الطبيعة، والاعتماد على العلوم التجريبية من أجل المعرفة الحقيقية، ونتاجها أن نقصر اهتمامنا على (العالم) الذي نؤثر فيه والذي تقتضي مصلحتنا معرفته، وتحول السؤال الأساسي للعلم من لماذا إلى كيف من خلال الحساب والتجربة.
المادية Materialism
وهي المحصلة النهائية للفكر الحديث. وتتمثل في أن الوجود الحقيقي هو الوجود المادي ولا وجود لأي شيء ما لم يكن ماديا أو ناتجا عن المادة، والمادية سرمدية كانت منذ الأزل وستبقى. فلا حاجة للإله لأنه وهم، حيث لا يملك كتلة وثقل وليس نتاجا لهما، وكذا الروح فهي خرافة.

ومن ثم يشير الكاتب إلى أن الضارة الإسلامية في العصور الوسطى على الرغم من كل التناقضات السياسية والصراعات إلا أنها لم تلغ هامش الحوار والتفاعل الإيجابي المتبادل مع هذه الحضارات دون أن يؤدي ذلك إلى تهديد الهوية الحضارية لأحد؛ لامتلاكهم جميعا فهما هيكليا واحدا للكون والطبيعة والإنسان، على الرغم من الاختلاف التفصيلي. أما الحضارة الغربية الحديثة التي تفردت بنظرتها المادية ألغت هامش الحوار نهائيا.

والمادية في الحضارة الغربية وإن تراجعت كمذهب فلسفي إلا أنها ما زالت موجودة كعصب فكري. فهي في العلوم الحديثة تتمثل في حصر اهتماماته كلها في إطار العالم الحسي ( المنهج التجريبي والطريقة الاستقرائية التي أبرز ما يميزها رفض قواعد عامة وحقائق ثابتة في الوجود ينطلق منها الذهن البشري )، وكذلك النزعة التحليلية التي قسمت العلم وجزأته فروعا لا متناهية لخدمة الصناعة لا الحقيقة الكلية. وفي العلاقات بين الشعوب والحضارات علاقة مادية تقوى وتضعف بتغير حجم التبادل التجاري، وعليه العلاقة بين الأفراد على أساس نفعي مادي.
الخاتمة
نخلص إلى تحديد الموقف من الحضارة الغربية في أننا نرفض الدعوة التوفيقية الوسطية من الفكر والحضارة الغربية لأنها منظومة متكاملة يكمل بعضها بعضا ويقود بعضها إلى بعض، ونحن لا نعاني من نقص في ذاتنا ومكونات هويتنا وإنما نمتلك مفاهيمنا الكلية الخاصة والمتكاملة للكون والطبيعة والإنسان والمعرفة والمجتمع والتاريخ. إلا أننا بحاجة إلى استيعاب الفكر الغربي ودراسته استنادا إلى منطلقاتنا الفكرية بعد التحرر من الدوران في فلك هذا الفكر، والنظر إليه بنظرة نقدية. وإن القيمة الحقيقية لأي حضارة تقاس بما توفره هذه الحضارة من شروط تحقق غاية الوجود الإنساني على مستوى الفرد وعلى مستوى الجماعة، ومن هذا المبدأ علينا السعي إلى تقديم حلول للأزمات المعرفية والأخلاقية والروحية التي أنتجتها الحضارة الغربية وعملت على تعميمها وعولمتها، مع استيعابنا للأسباب والظروف التي أدت إلى هيمنة هذا الفكر.
وبذلك سيحول الموقف الرافض من رفض سلبي عاجز ومكابر إلى رفض بناء ومؤسس لرؤية حضارية خصوصية مستمدة من إدراك شمولية الرسالة المحمدية الإسلامية.

الثلاثاء، 9 ديسمبر 2008

اعتذار و خطوة عملية لإعادة الوصال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بداية، كل عام وأنتم بخير، وأسأل الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال.
ثم أعتذر عن انقطاعي في الفترة الماضية، لانشغالي وافتقاري إلى صفاء الذهن الذي لا يمكنني أن أهذب أفكار مع غيابه.
وختاما، فإن عيديتي للمدونة فهو ثوب جديد ممثلا باتباعي نهجا جديدا، ألا وهو الحديث عن الكتب التي أقرأها إذ أفكاري في ظلالها غالبا، وسأحاول أن أضع ما يتضح منها جليا من غير أفكار الكتاب على شكل خواطر مختصرة بعد الحديث عن الكتاب إن شاء الله، وهذا النهج ليس إلا رغبة في أن يجعلني على صلة دائمة بالمدونة وبكم وإن لم أعش السكينة التي أنمق فيها أفكاري قبل أن أخرجها لكم.
سقى الله وصالنا بالمحبة فيه

الأحد، 7 سبتمبر 2008

زهرة مريم

زهرة مريم
لا أعرف كيف أبدأ! زهرة مريم Rosemary اسم يحمل استعارتين، زهرة لمعاني الحيوية والنضارة ومريم لمعاني العفة والطهارة. زهرة مريم اسم على مسمى لزهرة غربية من وراء الأطلسي سميت به تأسيا بأمنا مريم العذراء. هي أخت أمريكية تعرفت عليها في الجامعة الأمريكية في الكويت غربية النسب شرقية الهوى سماوية الروح إسلامية الانتماء. أخت عاشت قصة حب مع الإسلام وهي لم تأخذه وراثة، بل سيقت إليه بعد أن بحثت عن الحقيقة في معنى الوراثة النبوية وراثة العلم والسلوك. لم تجد في المسيحية إيمانها بالوحدانية و تحقيق ارتباطها بالوراثة النبوية الكاملة، فعادت إلى التوراة الحالية تبحث فملأت قلبها أكثر من الإنجيل إلا أنها محرفة لم تؤمن بدعوة المسيح، ثم اهتدت إلى الإسلام فحطت رحالها عنده مطمئنة وهي تسمع تراتيل آيات سورة مريم قبل أن تفهمها، ثم بمزيد بحث وعلم شيدت بروحه بنيانها نورت حياتها.
حبها الإسلام دفعها أن تزور ديار الأحبة وتتعرف عليهم وتتعلم لغتهم، أذكرها تحكي إعجابها بحياة المسلمين وهم يسمعون الأذان يرفع عاليا ويعيشون مع الله في كل لحظة، إذا استيقظ أحدهم ذكر الله وإذا عطس حمده وإذا جاء ليشرب أو يأكل سمى الله وإذا حادث أخاه سلم عليه ودعا له، إلى غيرها من الصور. جاءت من بلادها مستفتحة بفلسطين أرض الأنبياء والمرسلين ومسرى سيدهم عليه وعليهم أزكى صلاة وأتم تسليم. بعد فلسطين كانت محطتها الأردن ثم حطت رحالها في الكويت لسنة حيث قضت رمضان الماضي رمضانها الأول، وما زلت أسمع حديثها يخرج من القلب عن لذة الصيام والقيام وصور التآخي بين المسلمين فيه. ذهبت بعدها في جولتها الأخيرة قبل أن تعود لبلادها، فسافرت تستزيد من اللغة العربية في سوريا ثم زارت بلاد فارس ثم سافرت لفلسطين تودعها وبعدها الأردن لتلاقي أجلها المكتوب في حادث سيارة، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
قُطفت زهرة مريم الأسبوع الماضي بجوار أمنا مريم العذراء بعد أن ودعتها، قطفت في بلاد المسلمين إخوتها الذين أحبتهم وكان من نصحها لهم أن يستغلوا كل موهبة منحهم الله إياها في الدعوة إلى دينه. قطفت بعد أن تلقيت منها رسالتها الأخيرة لي في الأول من رمضان تبارك فيه وتخبرني أنها كانت ستجعل الكويت –البلد الذي عشقته- مسك الختام. ما زالت كلماتها الطموحة في أذني تحكي كيف كانت ترنو أن تصبح داعية تنثر زهور الإسلام وتسقيها. أسأل الله أن يجزيها بنيتها وأن يصبر والدتها الثكلى وأن يجعل قبضها أول رمضان رحمة تنال بها شرف القرب منه وأن ينبتها زهرة في جنة الفردوس، اللهم آمين.
موقعها على الانترنت:
http://maryam19.blogspot.com/

السبت، 30 أغسطس 2008

نشوة سيد الشهور



بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله

إخواني وأخواتي

بداية أعتذر عن الانقطاع في الفترة الماضية لظروف سفري ولأن موقع التدوين محجوب في البلد الذي أنا فيه حاليا. وبمناسبة تشريف شهر رمضان الذي أبارك لكم في قدومه، وبداية حملة ركاز لتعزيز الأخلاق التاسعة تحت شعار "لذة الطاعة.. جربها" أقدم لكم هذه المقالة وهي غير فكرية كما وعدت وإنما أدبية وعظية خفيفة على الروح إن شاء الله.

-- -- -- -- -- -- -- -- -- --


نشوة رمضان



قالها الداعية التركي فتح الله كولن: "إن كان هناك شهر لا تنتهي نشوته، ولا تنفذ بهجته، ولا يبلى الوجد عنده فهو شهر رمضان"، نعم، ففيه تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار وتصفد الشياطين كما في الحديث المتفق عليه. كيف لا؟! وهو ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن )، شهر القرآن الذي من فهمه حق الفهم "تصبح البحار الواسعة كقطرة ماء أمام ما يرد إلى صدره من إلهام، والعقل الذي تنور بنوره تتحول الشمس تجاهه إلى مجرد شمعة".


فهو شهر أيامه فريدة المشاعر، ذات ليل مؤنس بقيام المصلين وتلاوة الذاكرين، ونهار دافئ بأنوار أرواح الصائمين. حق له أن يكون سيد الشهور. كيف لا؟! ومن فضله أنه كبستان تنوعت أزهاره حتى هبت فيه النسمات من كل جهة برائحة مختلفة. فطول النهار تهب نسائم تحمل عبق الصيام المشعر باطلاع الله على السر وأخفى، وتارة يلفح نسيم آيات القرآن بنشوة ترقى بتاليها أعلى الدرجات، وتارة أخرى تبهج الأنفس بروائح أزهار الصدقة ومساعدة المحتاجين، وعند الغروب تنعم بطيب نشا مسك صلة الأقارب والأرحام على موائد الإفطار، وبعده تلامس بشرتنا ريح زهر الصلوات الدافئة التي تشعر بصلة العبد بربه وقربه حين التلذذ بمناجاته.


لذة رمضان لا يذوقها المؤمن حتى يحقق كمال صيامه. وكماله ليس بمجرد حفظ النفس من شهوتي الطعام والنكاح، ولا حتى الجوارح عن المحرمات؛ فمثل رمضان حينها كمثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها. إن رمضان لا يكون كالأترجة ريحها طيب وطعمها طيب حتى يضم الصائم فعل الخيرات إلى كفه عن المحرمات. فيضم تقليب بصره متفكرا في آيات الله إلى غضه عن العورات، ولهج لسانه بذكر الله وتلاوة القرآن إلى حفظه عن الفحش والغيبة، وإنصاته إلى تلاوات القرآن وحديث العلماء والدعاة إلى حفظه سمعه عن المنكرات، والصدقة ومساعدة المحتاجين إلى كف يده عن البطش والظلم، والسعي إلى المساجد وفي دروب خير إلى كف رجله عن المشي إلى المحرمات.


وإن لكل معان من استشعرها حفظه الله أن يكون ممن قال فيهم الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم: "رب قائم حظه من قيامه السهر، ورب صائم حظه من صيامه العطش". وحيث من علامات قبول الطاعة دوامها، كيف بمن يخرج من الصلاة وقيام الليل إلى مجالس يفوح منها نتن المنكرات؟! أليس الله تعالى قال: ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ) . وكيف بمن يحفظ جوارحه عن المحرمات وهو صائم ليقارفها وقت الإفطار؟! وكأن رب الليل غير رب النهار! ولست أفهم من هو أعظم حالا وأشد مصابا، من يستجيب لربه بامتناعه عن الحلال من الطعام والنكاح وقت الصيام وهو يأتي المحرمات. أوليس في الحديث الشريف: "من لم يدع قول الزور –الباطل- والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" أوليس يفهم مساواة حق الله تعالى في استجابة أمره بالامتناع عن الحلال وقت الصيام، لاستجابته في الامتناع عن محرمات الليل والنهار؟!

-- -- -- -- -- -- -- --

أعاننا الله على صيامه وقيامه

الاثنين، 4 أغسطس 2008

حركة إصلاحية *مباركة إن كانت مؤقتة*

تعليق بسيط في ظلال قرار المحكمة الدستورية التركية

حركة إصلاحية *مباركة إن كانت مؤقتة*


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بداية أحمد الله أن أديت اليوم آخر امتحان لمواد الفصل الصيفي في الجامعة.
بعد حوالي الثلاثة عشر يوم من تدويني مقال "الاستمرار في استغلال الموارد المتاحة في المناطق المسموحة" والذي يتحدث عن الدرس المستفاد من التجربة التركية، سرني قرار المحكمة الدستورية في تركيا برفض إغلاق حزب العدالة والتنمية فأحمد الله على ذلك، وإن كنت أراه حزبا أوروبيا لا إسلاميا إلا أنني أعتبره حركة إصلاحية *مباركة إن كانت مؤقتة*، تصلح لسياسة تركيا في الأوضاع الحالية بما يهيئ الظروف لصعود حزب إسلامي من ورائه، وقد يكون ما لا يريد أن أشهده من فهم الإسلام كمنهج ليقيم مصالح العباد والبلاد من صعود في تحول الاسلام السياسي التركي إلى الإيمان بالعلمانية الجزئية والتوسع نحو الخارج (الغرب) لا العمق الإسلامي، مما يصل في النهاية إلى عدم التمييز بين السياسي ذو الجذور الإسلامية أو الجذور العلمانية، لتكون النتيجة في عودة نماء العلمانية الشاملة بمجرد إحراز أي نجاح اقتصادي للأحزابها إذ سيكون برأيي الاقتصاد هو العامل الأقوى لتوجيه اختيار المواطن التركي.

عندي ثلاث نقاط أخيرة:

  • حكم المحكمة الدستورية لحزب العدالة لا يعد انتصارا للحزب بقدر ما يعد تجاوز محنة، ولا يعد انتصارا للديموقراطية بقدر ما يعد حفظا لماء وجهها بعدم إغلاق حزب صوت له بنسبة 47%.
  • من خلال فرض عقوبات مالية جزئية على الحزب أثبت الحكم إدانة الحزب وهذا شيء يحز بالخاطر، وبالمناسبة أرسل تحية لرئيس المحكمة الذي أعتقد أنه كان أعقلهم برفضه القضية برمتها.
  • أخيرا، أمنيتي أن يعطي هذا القرار لرجال الحزب وقت أطول وفرصة أكثر للتغلغل في مؤسسات الدولة بما يساعدها على المناورات السياسية -وهم لذلك أهل- بشكل أفضل، خاصة مع ما ظهر على السطح من تأثير الصفقات السياسية على قرارات المحكمة الدستورية، على أمل أن يعيدوا الكرة برفع حظر الحجاب في الجامعات.

هذا والله أعلم.

الاثنين، 28 يوليو 2008

احتراما للتخصصية وللمرحلية

بسم الله الرحمن الرحيم

احتراما للتخصصية وللمرحلية

من المبادئ التي يتخذها المبدعون أنهم لا يسلمون عقولهم لمن يفكر عنهم. ومذهبهم هذا يتوافق مع حكمة الله بربط التكليف بالعقل ورفعه عن المجنون، وكذا فعل القانون إذ حاسب وأدان الراشد وعالج واحتوى القاصر، وحتى يصح مذهب هؤلاء المبدعين يجب أن يقترن مع احترامهم التخصصية والمرحلية.

أما احترامهم للتخصصية فيكون بأن يدع كلٌ ما لا يحسن لمن يحسن، وهذا اقتباس من قاعدة للدعاة ذكرها أ.د. محمد أبو الفتح البيانوني. وغالبا ما يذكر عليها مثالا مفاده أنه كما أنه لا يتدخل الصيدلاني في تشخيص الطبيب للمرض، لا يتدخل المحدث في الحكم الذي استنبطه الفقيه، وإن كان من المطلوب أن يفهمه. ومن باب أولى أن لا يتدخل الطبيب في المسائل العلمية الشرعية ولا يتدخل الشرعي في التشخيصات الطبية. وعلى هذا فقس مع أسفك على أن شاع احترام كل التخصصات إلا التخصصات الشرعية.

وأما احترامهم للمرحلية، فهو من باب سنة التدرج والنمو طورا بعد طور في شؤون الحياة، وعندي علميا أن الإنسان يمر في أيِّ علم بأربع مراحل:
يبدأ بالتلقي لأساسيات العلم، وهي بداية مرحلة التقليد إذ لا تقليد بلا علم، وقبلها الإنسان جاهل تائه بالنسبة لذاك العلم.
ثم ينتقل للاستشكال في نواحيه وكما قيل "من لم يستشكل لم يتعلم". وفي نظري الاستشكال يزيد الفكر رشاقة والعلم فهما.

بعدهما يصل مَن تدرج وسعى بعون الله إلى:
الاستقلال في الفهم، بأن يكوِّن فهمه الخاص للمسألة وتطبيقاتها وطريقة قياسها فيرجح بين أفهام من سبقوه ويجمع بين ما ينتظم منها وفق أصول ذلك العلم.
وهذه هي بداية مرحلة النضج الفكري فهي دلالة على المراهقة الفكرية التي تحصل حين الانتقال من طور التلقي والتقليد إلى طور الابتكار والاجتهاد، كما أن المراهقة النفسية دليل على الانتقال من الطفولة إلى الرشد. ويناسب أن أذكر أنها قد تطول أو حتى لا تنتهي، كيف لا وقد سمعنا عن مراهقات الشيخوخة. ولضبط هذه المرحلة أستعير عبارة الشيخ محمد الحامد رحمه الله حين قال بوجوب المذهبية الفقهية حسما للفوضى الدينية، وأقول بـوجوب المرجعية الأصولية توجيها للمراهقات الفكرية. لا أقصد بالمرجعية الأصولية أن يعود الانسان مقلدا، وإنما أن لا يستقل بفهم حتى تنضج تصورات الآخرين عنده عن موضوع بحثه فلا يقع بأن يظن أنه يأتي بالجديد وهو قد أعاد القديم، ثم بأن يربط استنباطاته بمآخذها من أصول العلم ويستشهد لتركيبة خلاصة فهمه بأفهام من في العلم سبقوه.
وأخيرا تأتي مرحلة الاستقلال في الاجتهاد، وهي غالبا مرحلة من بلغ الأربعين في فنه، بعد أن نضج العلم ومتعلقاته من العلوم الأخرى في فكره، وخَبِرَ تطبيقاته وملابساتها في واقعه، حينها يستقل بالاجتهاد بأن يبتدع في المناهج التحليلية والتطبيقية ويكون له مذهبه بأصوله وقواعده ونتائجه، ويرجع إليه ليستشهد بأصوله المختارة وقواعده المستنبطة ونتائجه المقررة.
ختاما أحب أن أشير إلى أنه عند النقاش بين من هم في المرحلتين السابقتين، ليس من المهم أن يقتنع أحدهما بفهم الآخر لتحصل ثمرة النقاش، بقدر ما هو من المهم أن يفهم كلٌّ الآخر بالشكل الصحيح عند الالتقاء، ليحصل التعايش المفضي إلى التعاون.

هذا وأسأل الله التزاما يضبط سيرنا نحو رضاه.

السبت، 19 يوليو 2008

الاستمرار في استغلال الموارد المتاحة في المناطق المسموحة

بسم الله الرحمن الرحيم

بداية أعتذر عن انقطاعي الفائت عن التدوين، وأنتقل لموضوع هذه التدوينة وهو:

الاستمرار في استغلال الموارد المتاحة في المناطق المسموحة


في هذا الصيف كنت أحضر مادة العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية، وكان من المطلوب تقديم مشروع نهائي لكل طالب، ويشترط أن يتعلق بتحليل الحزب القائد للدولة التي يتناولها، وقد اخترت أن يكون مشروعي عن التجربة التركية، لتفردها في العالم الإسلامي، وكثرة الخلاف حولها، ثم لشغفي بها. فكان أن قرأت ما يقرب الثلاثين ساعة في ما يتعلق بتحليل تلك التجربة، ليس لأن البحث يتطلب كل هذا ولكن حتى أستفيد أكثر ولا أتكلم إلى عن تمكن.

لن أعرض عليكم هنا بحثي وإذ المقصود من هذه المقالة الخلاصة والدرس المستفاد الذي خرجت به من دراستي لهذه التجربة. والتجارب السياسية في رأيي يستفاد منها ولا تقلد، لأنها وإن اشتركت في التطور التاريخي للفكر التي تنبع منه وفي الرؤية المستقبلية التي تطمح لها؛ فإنها تختلف في استراتيجياتها لارتباطها بمكونات الدولة الأربعة التي يبنى عليها وهي: الشعب، والأرض، الحكومة، وطبيعة ومستوى الشرعية.

ردة فعل الشعوب بتياراتها المختلفة على الخذلان والسقوط أكثر ما تكون بشكلين:
إما الإحباط واللجوء للعزلة والاقتصار على مجتمعاتهم لتضيق يوما بعد يوم، بما في ذلك من تعطيل للطاقات.
وإما الثورة والتصادم بما يتسبب به من استنزاف الطاقات والأوقات.
ولكن قليلة هي الصحوات الحكيمة التي تستغل الطاقات وتقلل المقاومة، مستذكرة لرسالتها وأهدافها ومقدرة لظروف واقعها من طاقاتها وعقبات طريقها.

وكان من أبرز هذه الصحوات المعاصرة صحوة السياسية الإسلامية في تركيا بعد أن قدم الشعب التركي المسلم ربع مليون شهيد أعظم الله لهم الأجر والمثوبة.


بدأت هذه الصحوة مع البروفيسور نجم الدين أربكان حفظه الله عام 1969 كمستقل ثم تطورت في خمس مراحل هي:

  1. حزب النظام الوطني (تأسس1970- وحل1971)، بدعم من الحركة النقشبندية الصوفية بزعامة محمد زاهد كتكو، والحركة النورسية.
  2. ثم حزب السلامة الوطني(تأسس 1972- وحل1980)، الذي دخل البرلمان وشارك في حكومة ائتلافية.
  3. ثم حزب الرفاه الذي حقق الأغلبية البرلمانية عام 1996م (تأسس1987- وحل1997).
  4. ثم حزب الفضيلة بتياريه الداخليين -الأكثر محافظة بقادة فنال قوطان، والأكثر تجديدا بقيادة عبد الله جول- (تأسس1989- وحل2001).
  5. ثم (2001-وحتى الأن) حزب السعادة وحزب العدالة والتنمية
حزب السعادة الذي ما زال يرتدي الجبة الدينية ويرفع الإسلام راية له عن التيار الأكثر محافظة في حزب الفضيلة، فالسعادة يعد الامتداد الحقيقي للأحزاب السابقة بهندسة البروفيسور أربكان وهو حاليا بقيادة رجائي قوطان، لحرمان أربكان من العمل السياسي مدى الحياة.
والآخر الأكثر تجديدا في حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أردوغان الذي فاز في أغلبية مقاعد المجلس النيابي عام 2002.

ومن هذه المراحل استنتجت درسين:
ضرورة انتقال الاجتهادات الفردية لتكون جهود مؤسسية تضمن لها الاستمرار وهذا ما حصل مع تجربة أربكان.
النتيجة الإيجابية للإصرار على الاستمرار، والتي ظهرت في دخول حزب السلامة الوطني البرلمان بخمسين نائبا ومشاركته في الحكومة وما قام به من إصلاحات، ودخول حزب الرفاه البرلمان بعد ثلاث دورات انتخابية وتشكيلهم حكومة أقلية ثم بتحقيقه الأغلبية البرلمانية عام 1996م.

أما عن مسألة الفرق بين الفرق بين التيار الأكثر محافظة، والتيار الأكثر تجديدا في الحركة الإسلامية السياسية في التركية، فيلاحظ استخدامي لصيغة التفضيل أكثر، وهذا لاعتبارين هما:
الأول/
أن التيار الأكثر محافظة للإسلاميين في تركيا -حزب السعادة- -والذي يصنف غربيا على أنه التيار الإسلامي الراديكالي في تركيا- يوازي تقريبا ما يطلق عليه في بلادنا العربية التيار الإصلاحي أو المعتدل أو التجديدي في الجماعات الإسلامية.
الثاني/
أن التيار التجديدي في الإسلاميين السياسيين في تركيا –حزب العدالة والتنمية- لا يوازي أي من التيارات الإسلامية التجديدية في عالمنا العربي بل هي تجربة فريدة انتقلت بالخطاب السياسي لإسلاميين -لا السياسي الإسلامي- مرحلة ترفع عنه الصبغة الدينية، مع إشراك التيارات غير الإسلامية من محافظة أو علمانية يمينية -المقابلة للسيارية الكمالية- في رؤية واضحة للتعاون ضمن مبادئ العلمانية الجزئية التي يعرفها الدكتور عبد الوهاب المسيري -في كتاب عن العلمانية- بأنها فصل السياسية والاقتصاد عن الدين -وهي العلمانية الأكثر شهرة في عالمنا العربي-. في دولة يقوم دستورها على العلمانية الكمالية الشاملة التي تعني محاربة الأديان -أو الدين الإسلامي الذي يمثل أكثر من 99% من الشعب التركي- لا العلمانية العربية الأكثر انتشارا التي ما تزال تستتر بادعائها الحياد مقابل جميع الأديان. فحزب العدالة والتنمية كما يقول الأستاذ فهمي هويدي: "مظلة لتجمع إصلاحي محافظ". وهنا باللغة الانجليزية مقالة لرجب طيب أردوغان يصف فيها أيديولوجية حزب العدالة والتنمية.

وقبل الختام أستبشر بما يظهر من تصريحات البروفيسور نجم الدين أربكان، أن حزب السعادة الإسلامي لن يزال ماض على خطاه في الاستمرار وإعادة المحاولات السياسية والالتزام بالثبات على المبادئ التأصيلية والأطر العامة للحركات الإسلامية السياسية، فنسأل الله لهم دوام التوفيق والسداد، ولإخوانهم في حزب العدالة والتنمية الأوروبي العودة لتبني الهوية الإسلامية.
واستذكارا لقوله تعالى: فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19) النساء، فقد يمهد حزب العدالة والتنمية الطريق لضمان استمرارية الأحزاب الإسلامية بما يسعى إليه من تقليل سلطات الجيش، مما يضمن موقع أفضل لحزب السعادة.

وأختاما أذكر كلمتين تعلمتهما من فضيلة الشيخ الداعية أ.د. أبو الفتح البيانوني:
الأولى/ وهي الكلمة باللغة الدعوية الموازية لعنوان هذه المقالة الذي كتب باللغة الاقتصادية
على الداعية أن يعرف ما هو متاح وما يحسن أن يقدم. وأزيد عليها للإيضاح ما هو مسلم "ثم يعمل بما علم"
والثانية/
على الداعية أن يقدم ما يحسن، ويدع ما لا يحسن لمن يحسن، -ويضيف عليها أحيانا- ويعد نفسه لإحسان ما لا يحسن.

هذا والله أعلم وأحكم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

للمزيد في التجربة التركية:


الخميس، 15 مايو 2008

وحدة الصف لا وحدة الرأي

بسم الله الرحمن الرحيم

كم آلم لفرقتنا في دعوتنا!
لا أشك في إيمان مسلم بأمر الله تعالى في كتابه حين قال: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)، ولكن كم أتألم حين أن أسمع طلبة علم أو دعاة يستشهدون حين ذكر إخوانهم ممن خالفوهم الرأي بقول الشاعر:
وكل يدعي وصلا بليلى * وليلى لا تقر له بذاك
كم هو مؤلم أن لا يفصل ذلك الداعية بين نصوص الكتاب والسنة وبين فهمه لها! وبين الواقع وبين رؤيته وتحليله للواقع! فتراه ينصب نفسه حكما في أهل الإسلام يسم الدعاة بقوله: هذا مهتد وذاك ضال.

لأجل هذا الألم، جاء اقتباسي من كتاب "الأمة الواحدة" للشيخ د.سلمان العودة حفظه الله لعنوان الباب الثالث "وحدة الصف لا وحدة الرأي".

وأعتقد أنه لا يمكن أن نصل إلى الإيمان بأننا نريد وحدة الصف لا وحدة الرأي حتى نخرج من عصبيتنا ونسلم بأن الخلاف سنة كونية في المخلوقات وواقع نتعامل معه لا نقدر أن نلغيه، وأن التوحيد المطلق ليس إلا للخالق. كيف لا؟ وقد قال تعالى (ولا يزالون مختلفين) وقد جعل الشيخ العودة هذه الآية عنوانا لكتابه الآخر حيث قال: "إذا كنت تظن أن كثرة العلم والتدين قد تكون سببا في الزوال الخلاف، فخفف من ظنك؛ لأنك ستجد أعلم الناس، وأفهمهم للكتاب والسنة، أكثرهم إخلاصا، وأبعدهم عن الهوى قد حصل بينهم اختلاف."
وهنا تكتمل المقدمتان اللاتي تحددان لنا النتيجة التي هي غرض هذا الموضوع
أما المقدمة الأولى:
أن الاجتماع والتوحد مطلب رباني
وأما المقدمة الثانية:
أن الاختلاف واقع لا يمكن الخروج عنه

وأما النتيجة فهي:
أن المطلوب هو وحدة العمل لا وحدة الأساليب والوسائل
نعم المطلوب هو "وحدة العمل" هذه العبارة التي هي عنوان أحد كتب فضيلة الشيخ أ.د. محمد أبو الفتح البيانوني حفظه الله، نعم وحدة العمل لاجتماعنا لاجتماعنا على الغاية والأهداف. إذ الغاية والأهداف ترجع في النهاية إلى السعي إلى مرضاة الله عز وجل، والتطلع إلى تطبيق النظام العام الإسلامي في حياة الناس، سواء على النطاق العام أو الخاص. وما وراء ذلك تختلف الآراء الاجتهادية في ترتيب الأولويات واختيار الأساليب والوسائل. ويحكم ذلك أطر مشتركة هي التي تحدد عمل تلك الجماعات في كل بيئة وهي مستخلصة مما ذكرالشيخ البيانوني في كتابه:
1- وحدة العقيدة، 2- وحدة المصادر، 3- وحدة العقبات الداخلية والخارجية، 4- وحدة المصير

وختاما لهذا المحور أنقل مختصرا الضوابط الضرورية التي ذكرها الشيخ لوحدة العمل:
1- التسليم والاعتراف بمبدأ تعدد الجماعات الإسلامية في دائرة أهل الحق
2- حسن الظن الذي يسمح ويدفع إلى الاحترام والتقدير المتبادل.
3- التحرر من التعصب الذي يفتح الطريق للنقد الذتي والتناصح.
4- اعتماد الشورى الشرعية للوصول إلى التعاون فيما يتفق عليه مع الإعذار في مواطن الاجتهاد مما يجوز فيه الخلاف.
5- وضوح رؤية التعاون بين تلك الجماعات في شكل أنظمة داخلية وعهود يستحضر فيها قول الله تعالى: (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا)

هذا وفي الختام أسأل الله أن يوحد الصفوف ويعيننا على التعاون وتنسيق الجهود.

السبت، 10 مايو 2008

معالم وثوابت دعوة التعاون

بسم الله الرحمن الرحيم

يوم الثلاثاء الماضي الموافق 6/مايو/2008م كان الافتتاح الرسمي لنادي التعاون في الجامعة الأمريكية، وهو نادي طلابي دعوي مستقل، وكانت لي كلمة ركزت فيها على ثلاثة محاور:

الأول/ أن فكرة هذا النادي "نادي التعاون" جاءت لتجميع الجهود وتوحيد الصفوف، كيف لا وقد أسس طاعة لأمر الله في كتابه حين قال: "وتعاونوا على البر والتقوى". وعليه فإننا نبغي أن يكون هذا النادي مركز انتماء ومحضن إخاء لكل من يؤمن بالقرآن الكريم هديا، وبالرسول الأمين صلى الله عليه وسلم قدوة.


الثاني/ أن من أهم معالم دعوة "التعاون" هذا النادي ثلاثة:
1. أننا نعتز بمرجعيتنا الإسلامية وفهمنا الشامل للدين.
2. أننا لا ندعي الكمال لأنفسنا ولا ننفي الخير في أي أحد.
3. أننا دعاة لا قضاة، نسعى في الإصلاح ولا نشتغل في الحكم على الناس.

الثالث/أننا نعمل على بصيرة وإتقان، فثوابتنا المنهجية خمسة:
1. نجدد النية ثم نبدأ،
2. ونحدد الأهداف ثم نخطط،
3. ونطلب الإتقان ثم نعمل،
4. ونحسن الظن ثم نعامل،
5. ونحمد الله ثم نختم؛ إذ ما كنا لنعرف إلى الحق حتى هدانا إليه، وما كنا لنعمل الخير حتى يعيننا عليه.

هذا وفي الختام أسأل الله تعالى أن يكون مثل نادي التعاون "كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها"

الجمعة، 9 مايو 2008

حرية الانتماء.. وضرورة الالتقاء..

بسم الله الرحمن الرحيم

حرية الانتماء.. وضرورة الالتقاء.. شعار رفعته يعبر عن مبدأ آمنت به، وبما أنه عنوان مدونتي فقد رأيت أن يكون تفسيره أول كلمة فيها بعد الافتتاح، وحتى نصل إلى التصور الكامل لروح هذا الشعار، سأفرد كل كلمة منه على حدته ببيان:
حرية: الحرية التي أقصدها هي الحرية التي تقارب الجمال في معناها، كما عرفها الأديب عباس محمود العقاد، الحرية التي هي نقيض الفوضى، الحرية المقرونة بالأوزان والقوانين التي لا تقيدها بل تبرزها في صورتها التي تعزز المشيئة والاختيار مع المسؤولية، كما هي الحال مع الكلمات عند نظم الشعر على أوزانه وقوافيه، فالحركة ضمن هذه الأوزان حذق ومهارة وخارجها سداجة وجهالة.
الانتماء: الانتماء يتعدد في الأصناف والأشكال، وتعدده ينحصر بين ضلعي زاوية قائمة أحدهما الانتماء الاضراري والآخر الانتماء الاختياري. فمن الاضراري انتماء الولد لأبيه، ومن الاختياري الانتماءات الفكرية بتعددها، ومن الاضراري الاختياري الذي يقع بين ضلعي زاوية الانتماء، الانتماء إلى الثقافة وإلى الأرض والوطن، فأنت تولد على أرض فتنتمي إليها وقد تهاجر عنها لتنتمي إلى غيرها. وكل من هذه الانتماءات يتسع ويضيق فأنت تنتمي لمسقط رأسك بلدك الذي ولدت فيه، ثم الدولة، ثم القطر، ثم الأمة.
وأما الانتماء الذي أعنيه فهو الانتماء الفكري الأيدلوجي الفلسفي، والذي قد يترجم إلى أحزاب وجماعات، وقد يبقى أسير رأس صاحبه لا يترجم إلا في سلوكه إن امتلك الشجاعة الكافية للتحرر من قيود مجتمعه، وأعود لأقول بأن التحرر الذي أقصده هو المشتق من أصل الحرية الذي فسرته قبل قليل بالجمال. وفي هذا الانتماء دوائر متباينة وأخرى متقاطعة وثالثة متداخلة بعضها في قلب بعض، ولكل دائرة قوانينها وأوزانها الخاصة التي تضبط الجزء الأول من الشعار "حرية الانتماء".
و
ضرورة: هذه الضرورة ليست التي في معنى الاضراري القسري، وإنما هي الضرورة الاختيارية المتعلقة بالاختيار في الوسائل للوصول إلى الغايات التي آمنا بها عن اختيار.
الالتقاء: الالتقاء هو الوسيلة التي نحقق بها غايات ثلاث:
الأولى منها في أصلها وسيلة للغايتين اللتين بعدها، ولكنها غاية في حكمها للالتقاء، ألا وهي الحوار، إذا لا حوار بلا التقاء ومقابلة، سواء كان هذا الالتقاء بالمواجهة أو المشافهة أو المراسلة. فالحوار وسيلة لتلاقح الأفكار والخلوص إلى الحق والصواب، وتحديد نقاط الاتفاق والاختلاف، وسبل الوصول للغايتين اللتين بعدها وهما التعايش ومن بعده التعاون للارتقاء الذي آمنا به عن اختيار، الارتقاء الذي هو غاية إيماننا بالجزء الثاني من الشعار "ضرورة الالتقاء".
وبهذا البيان أحمد الله أن اكتملت بما أرى زهرة هذا الشعار بحلو ألوانها وطيب عبقها، زهرة "حرية الانتماء.. وضرورة الالتقاء.."

قصة البداية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين هادي الحائرين ومعين الطالبين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد إمام المرسلين وخاتم النبيين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
في هذا اليوم فجر الجمعة 4/جمادى الأولى/1429هـ الموافق 9/أيار-مايو/2008م، قمت بإنشاء هذه المدونة الخاصة بي، بعد تفكر وتردد، إذ لي بالكتابة والتعبير شغف إلا أن كثرة المشاغل والملهيات تحجب عني صفاء الذهن الذي يرتب أفكاري لتسطر، ولكن لا أقول إلا وا حسرتاه على ما فرطت في تلك الأفكار لتلك الأشغال.
فأسأل الله أن تكون هذه المدونة لأفكاري قيدها الذي يحفظها وأرضها التي تنمو عليها، وأن تكون مناقشاتكم وتعليقاتكم البستاني الذي يسقيها ويهذب أوراقها.
وأما عن اسم المدونة "حرية الانتماء وضرورة الالتقاء"
فهو شعار الحملة الانتخابية التي خضتها لانتخابات مقاعد الحكومة الطلابية في الجامعة الأمريكية في الكويت لمقعد المسؤول الثقافي لعام 2007/2008. وكان شعاري بالانجليزية "Freedom of Affiliation.. Need for Cooperation"
وها ختام الحكاية في قصة البداية