الجمعة، 9 مايو 2008

حرية الانتماء.. وضرورة الالتقاء..

بسم الله الرحمن الرحيم

حرية الانتماء.. وضرورة الالتقاء.. شعار رفعته يعبر عن مبدأ آمنت به، وبما أنه عنوان مدونتي فقد رأيت أن يكون تفسيره أول كلمة فيها بعد الافتتاح، وحتى نصل إلى التصور الكامل لروح هذا الشعار، سأفرد كل كلمة منه على حدته ببيان:
حرية: الحرية التي أقصدها هي الحرية التي تقارب الجمال في معناها، كما عرفها الأديب عباس محمود العقاد، الحرية التي هي نقيض الفوضى، الحرية المقرونة بالأوزان والقوانين التي لا تقيدها بل تبرزها في صورتها التي تعزز المشيئة والاختيار مع المسؤولية، كما هي الحال مع الكلمات عند نظم الشعر على أوزانه وقوافيه، فالحركة ضمن هذه الأوزان حذق ومهارة وخارجها سداجة وجهالة.
الانتماء: الانتماء يتعدد في الأصناف والأشكال، وتعدده ينحصر بين ضلعي زاوية قائمة أحدهما الانتماء الاضراري والآخر الانتماء الاختياري. فمن الاضراري انتماء الولد لأبيه، ومن الاختياري الانتماءات الفكرية بتعددها، ومن الاضراري الاختياري الذي يقع بين ضلعي زاوية الانتماء، الانتماء إلى الثقافة وإلى الأرض والوطن، فأنت تولد على أرض فتنتمي إليها وقد تهاجر عنها لتنتمي إلى غيرها. وكل من هذه الانتماءات يتسع ويضيق فأنت تنتمي لمسقط رأسك بلدك الذي ولدت فيه، ثم الدولة، ثم القطر، ثم الأمة.
وأما الانتماء الذي أعنيه فهو الانتماء الفكري الأيدلوجي الفلسفي، والذي قد يترجم إلى أحزاب وجماعات، وقد يبقى أسير رأس صاحبه لا يترجم إلا في سلوكه إن امتلك الشجاعة الكافية للتحرر من قيود مجتمعه، وأعود لأقول بأن التحرر الذي أقصده هو المشتق من أصل الحرية الذي فسرته قبل قليل بالجمال. وفي هذا الانتماء دوائر متباينة وأخرى متقاطعة وثالثة متداخلة بعضها في قلب بعض، ولكل دائرة قوانينها وأوزانها الخاصة التي تضبط الجزء الأول من الشعار "حرية الانتماء".
و
ضرورة: هذه الضرورة ليست التي في معنى الاضراري القسري، وإنما هي الضرورة الاختيارية المتعلقة بالاختيار في الوسائل للوصول إلى الغايات التي آمنا بها عن اختيار.
الالتقاء: الالتقاء هو الوسيلة التي نحقق بها غايات ثلاث:
الأولى منها في أصلها وسيلة للغايتين اللتين بعدها، ولكنها غاية في حكمها للالتقاء، ألا وهي الحوار، إذا لا حوار بلا التقاء ومقابلة، سواء كان هذا الالتقاء بالمواجهة أو المشافهة أو المراسلة. فالحوار وسيلة لتلاقح الأفكار والخلوص إلى الحق والصواب، وتحديد نقاط الاتفاق والاختلاف، وسبل الوصول للغايتين اللتين بعدها وهما التعايش ومن بعده التعاون للارتقاء الذي آمنا به عن اختيار، الارتقاء الذي هو غاية إيماننا بالجزء الثاني من الشعار "ضرورة الالتقاء".
وبهذا البيان أحمد الله أن اكتملت بما أرى زهرة هذا الشعار بحلو ألوانها وطيب عبقها، زهرة "حرية الانتماء.. وضرورة الالتقاء.."

ليست هناك تعليقات: