الأربعاء، 14 أكتوبر 2009

لابد في الجبل من ثغور

بسم الله الرحمن الرحيم
لابد في الجبل من ثغور

الدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله جبل من أساطين الفكر المعاصر، زلزل الصهاينة بثمان كتائب هي عدة أجزاء موسوعته/ (اليهود واليهودية والصهيونية: نموذج تفسيري جديد)، وفكك العلمانية في معمليه (العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة)، وأسقط راية الحداثة الغربية في (الحداثة وما بعد الحداثة)، وبدد أوهام المادية في (الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان)، وقدم الكثير مما يصعب أن يحيطه من كل جوانبه عقل مفكر واستيعاب دارس.
لابد في الجبل من ثغور، ولابد أن نقف عند قدسية المبادئ فلا تغيرها مكانة الأشخاص. منذ بضعة أيام نشرت قناة الجزيرة الفضائية آخر مقال بعث به إليها المسيري قبل وفاته، وهو تحت عنوان (حداثة داروينية أم حداثة إنسانية) وكما هي العادة في كتاباته رحمه الله حوت ما يعكس عميق فهمه للفلسفة المادية وحرارة صولته في وجه الحداثة الداروينية والعقلانية المادية، ونقده المشروع التحديثي ذو الطابع التفكيكي المعادي للإنسانية والأخلاق في نظريته، ونداءه للتحديث الإنساني الذي يصفه بالإسلامي وهو في وصفه منظومة تقوم على "التوازن مع الذات ومع الطبيعة وتحقيق العدالة الاجتماعية"، حداثة "تحيي العقل ولا تميت القلب، تنمي وجودنا المادي ولا تنكر الأبعاد الروحية لهذا الوجود"، حداثة "تحقق توازن بين التعاقد والتراحم". وكل ما سبق مما لا أملك إلا القناعة فيه، ولكن المقال حوى إلى جانب هذه الفرائد الثمينة بعض أفكار رآها المسيري من إسلاميته وليست هي إلا معارضة لمبادئ الإسلام عند التمحيص والتدقيق. آتي عليها من وجهة نظري في النقاط التالية:
  • حين نادى د.المسيري بالمنظومة الحداثية الإنسانية الإسلامية التي يسعى لها قال: "حداثة تجعل الإنسان وتحقيق إمكانياته هي المركز" ويا عجبي أليس الله سبحانه وتعالى والوصول لمرضاته هو المركز في المفهوم الإسلامي! وأليست هذه المنظومة التي سبقت العقلانية الحديثة وجرت إليها! الإنسانوية التي تأله الإنسان فتجعله في المركز ليتمكن من نزعته الفردية ويضع معاييره الخاصة بالخطأ والصواب.
  • وطرح د.المسيري أيضا ما يزيد على مبدأ التسامح والتعايش الإسلامي مع غير المسلمين، فأدخل البشرية جمعاء في حلف واحد وجعل "حقوقهم السياسية والاجتماعية والدينية مصونة (لهم ما لنا وعليهم ما علينا)". قد لا نجادل في الحقوق الاجتماعية والدينية من منطلق (لا إكراه في الدين) فإسلامنا يحفظ الحقوق ولكن أنّا لإسلامنا أن يقبل من ناحية المبدأ أن يفتح الطريق لسيادة الجماعات الدينية والإثنية عليه وهو فيها! أليس هدفه تعبيد الأرض لله تعالى، وعمارتها بطاعته، وسياسة العباد لما فيه صلاح دنياهم وأخراهم، وهل يكون إلا بمنهج الإسلام.
  • ودعا د.المسيري إلى السعي لنقاط الاتفاق مع العلمانيين القوميين العرب بحجة أنهم لا يؤمنون بالعلمانية الشاملة ومازالوا يعترفون بالقيم المطلقة وأن ليس كل شيء مباح. وخلفية ذلك الذي قربه منهم إيمان المسيري نفسه بالعلمانية الجزئية التي عرفها بفصل الدين عن السياسة والاقتصاد. وعندها انحصر خلافه معهم في مصدر استمداد هذه القيم الاجتماعية. ولكن لم نسلم للمسيري بالأصل في ادعائه توافق إيمانه بفصل السياسة والاقتصاد عن الدين مع المفهوم الإسلامي حتى نوافقه في الفرع الذي دعا إليه. وكيف لنا أن ننسى فقه السياسة الشرعية بثرائه وفقه الاقتصاد والتمويل الإسلامي بانفراده.
  • وطالب المسيري أهل التخصص والخبرة من الاقتصاديين أن "يطرحوا مفهوما اقتصاديا جديدا قائما على فكرة (حد الكفاية) بحيث نتفق على الحد الأدنى المادي المطلوب للإنسان ونحاول أن نحقق هذا لكل البشر بدلا من فكرة النمو المستمر وتصاعد معدلات الاستهلاك..." ويكفيني لاعتراض الفكرة أنها الفكرة الاجتماعية الشيوعية ذاتها ببريقها النظري الزائف وفسادها العملي، وكل ما كتب في تفنيد تلك الفكرة الاجتماعية الشيوعية يعترض مفهوم حد الكفاية الأدنى الذي دعى المسيري المتخصصين إليه.
وختاما أشير إلى أن نقدي هذا لا يمثل انتقاصا لمفكر مثل د.عبد الوهاب المسيري رحمه الله أو جرأة عليه، وإنما يمثل التجرد في الإيمان ببشرية المفكرين مع الاعتراف لهم بالفضل والمكانة، والتمسك بقدسية المبادئ الإسلامية مع الذوذ عنها.

والله أعلم وأحكم

الخميس، 8 أكتوبر 2009

كم قصرنا بحقك يا أقصى!

بسم الله الرحمن الرحيم

كم قصرنا بحقك يا أقصى!
أقصانا.. كم قصرنا بحقك! كم عشنا الأماني ولم نعمل لنصرتك! كم تعذرنا بالأبواب المقفلة ولم نقرع المفتوحة! كم تهربنا نرمي اللوم على غيرنا ونحن في المذنبين! كم نفهم قواعد النصرة الإلهية ونتقاعد عن تطبيقها! كم نفهم أسباب الخذلان ونأتيها! اللهم إنا نعترف بأن نصرة الأقصى من واجبنا ونبرأ إليك من تقصيرنا فاعفو عنا وأعنا بحولك وقوتك.
ندوات تعريفية، ومهرجانات خطابية وإنشادية، ومسيرات تضامنية، ومعارض توعوية، وتبرعات نقدية، وتنديدات مؤسسية، وكوفيات فلسطينية.. وغيرها من البرامج والأنشطة الروتينية، التي نكررها في كل عام مرة، أو مرتين إذا الخرق على الراتق اتسع. فإلى متى نسعى في الرتق وقد بانت عوراتنا! إلى متى نتأخر في نسج الثوب الجديد لفرحة النصرة والتحرير! إلى متى نرضى بتوزيع المسكنات وننسى تأهيل من يستأصل الأورام! أإلى أن تزيل كثرة المساس الإحساس! ولن نذكر حينا القدس أو أية أقداس.

إخواني وأخواتي، هذه التدوينة ليست للبكاء على الأطلال وندب الأحوال، ولكني أردتها أن تكون نواة برامج عملية نبدؤها فرادى وجماعات، نحشد فيها جيش تحرير الأقصى، جيشا يباهي الله بهم ملائكته، ويفخر به المرابطون فيه وفي أكنافه.

أختار لكم بعض الأفكار من اجتماع رابطة شباب الكويت لأجل القدس الذي انعقد يوم الثلاثاء الماضي 6/10/2009
1. يتعهد كل شخص مجموعة من 10 أشخاص مثلا، ويتواصل معهم برسائل تربطهم بنصرة الأقصى، فتذكر بالقضية وتحرك المشاعر، من أحداث تاريخية حصلت في مثل اليوم الذي أرسل فيه الرسالة، أو مستجدات الأحداث في القدس مثلا:
a. فتح صلاح الدين الأيوبي القدس واستعاد الأقصى في مثل هذا اليوم 2/ أكتوبر من عام 1187م.
b. اليوم متطرفين صهاينة يحاولون اقتحام المسجد الأقصى ويعتدون على المعتكفين لإقامة شعائر يهودية فيه.
2. إقامة معارض مبدعة إما ثابتة في المجمعات التجارية أو مؤقتة في الجامعات والمدارس أو متنقلة عامة، وتكون هذه المعارض على مستوى عالي من الروعة في التصميم والإضاءة والمحتوى.
3. إخراج وإنتاج فواصل إعلامية تلفزيونية لخدمة القضية مدتها بين 30 و60 ثانية، وأفلام كرتونية وغيرها.
4. تنظيم مسابقات وجوائز عامة، مسابقات علمية وفنية للأعمال التي تخدم القضية من رسم وتصميم ومسرح وشعر وإنشاد وتأليف وغيرها.
5. محاولة تجميع وتنسيق الجهود الموجهة في نصرة الأقصى من مختلف التوجهات والحذر من تسييس القضية وجعلها من مصلحة فئة دون أخرى.
6. تأسيس مؤسسات إعلامية تسويقية للقضية، على نمط ركاز لتعزيز الأخلاق وغراس للوقاية من المخدرات وغيرهما.
7. تحديد مكان للتجمع والانطلاق منه لشد الرحال برا بالسيارات حتى أقرب نقطة من الأقصى يسمح بالوصول إليها، والرباط عندها عدة أيام مع حشد إعلامي للمسيرة.
-
إخواني وأخواتي هذه بعض الأفكار وأنا على ثقة أن عندكم غيرها الكثير، وعلى ثقة أن عندكم ما تقدمونه من قدرات ومهارات في أحد جوانب هذه الأعمال لنصرة الأقصى، فلنبدأ على بركة الله، بالتخطيط والبحث عن الفريق، ولنتعاهد على العمل للتحرير، كل من ثغره المرابط عليه وجبهته المتأهب عندها، حتى نلقى الله تعالى إما شهداء في سبيله أو فاتحين في مسرى رسوله عليه وعلى آله وصحبه أفضل صلاة وأتم سلام، وحتى ذلك الحين لندعو بورد الرابطة:
اللهم إنك تعلم أن هذه القلوب قد اجتمعت على محبتك والتقت على طاعتك وتوحدت على دعوتك، وتعاهدت على نصرة شريعتك، فوثق الله رابطتها وأدم ودها واهدها سبلها واملأها بنورك الذي لا يخبو، واشرح صدورها بفيض الإيمان بك وجميل التوكل عليك، وأحيها بمعرفتك، وأمتها على الشهادة في سبيلك، إنك نعم المولى ونعم النصير. اللهم آمين وصلي اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.