بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
إخواني وأخواتي
بداية أعتذر عن الانقطاع في الفترة الماضية لظروف سفري ولأن موقع التدوين محجوب في البلد الذي أنا فيه حاليا. وبمناسبة تشريف شهر رمضان الذي أبارك لكم في قدومه، وبداية حملة ركاز لتعزيز الأخلاق التاسعة تحت شعار "لذة الطاعة.. جربها" أقدم لكم هذه المقالة وهي غير فكرية كما وعدت وإنما أدبية وعظية خفيفة على الروح إن شاء الله.
-- -- -- -- -- -- -- -- -- --
نشوة رمضان
قالها الداعية التركي فتح الله كولن: "إن كان هناك شهر لا تنتهي نشوته، ولا تنفذ بهجته، ولا يبلى الوجد عنده فهو شهر رمضان"، نعم، ففيه تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار وتصفد الشياطين كما في الحديث المتفق عليه. كيف لا؟! وهو ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن )، شهر القرآن الذي من فهمه حق الفهم "تصبح البحار الواسعة كقطرة ماء أمام ما يرد إلى صدره من إلهام، والعقل الذي تنور بنوره تتحول الشمس تجاهه إلى مجرد شمعة".
فهو شهر أيامه فريدة المشاعر، ذات ليل مؤنس بقيام المصلين وتلاوة الذاكرين، ونهار دافئ بأنوار أرواح الصائمين. حق له أن يكون سيد الشهور. كيف لا؟! ومن فضله أنه كبستان تنوعت أزهاره حتى هبت فيه النسمات من كل جهة برائحة مختلفة. فطول النهار تهب نسائم تحمل عبق الصيام المشعر باطلاع الله على السر وأخفى، وتارة يلفح نسيم آيات القرآن بنشوة ترقى بتاليها أعلى الدرجات، وتارة أخرى تبهج الأنفس بروائح أزهار الصدقة ومساعدة المحتاجين، وعند الغروب تنعم بطيب نشا مسك صلة الأقارب والأرحام على موائد الإفطار، وبعده تلامس بشرتنا ريح زهر الصلوات الدافئة التي تشعر بصلة العبد بربه وقربه حين التلذذ بمناجاته.
لذة رمضان لا يذوقها المؤمن حتى يحقق كمال صيامه. وكماله ليس بمجرد حفظ النفس من شهوتي الطعام والنكاح، ولا حتى الجوارح عن المحرمات؛ فمثل رمضان حينها كمثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها. إن رمضان لا يكون كالأترجة ريحها طيب وطعمها طيب حتى يضم الصائم فعل الخيرات إلى كفه عن المحرمات. فيضم تقليب بصره متفكرا في آيات الله إلى غضه عن العورات، ولهج لسانه بذكر الله وتلاوة القرآن إلى حفظه عن الفحش والغيبة، وإنصاته إلى تلاوات القرآن وحديث العلماء والدعاة إلى حفظه سمعه عن المنكرات، والصدقة ومساعدة المحتاجين إلى كف يده عن البطش والظلم، والسعي إلى المساجد وفي دروب خير إلى كف رجله عن المشي إلى المحرمات.
وإن لكل معان من استشعرها حفظه الله أن يكون ممن قال فيهم الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم: "رب قائم حظه من قيامه السهر، ورب صائم حظه من صيامه العطش". وحيث من علامات قبول الطاعة دوامها، كيف بمن يخرج من الصلاة وقيام الليل إلى مجالس يفوح منها نتن المنكرات؟! أليس الله تعالى قال: ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ) . وكيف بمن يحفظ جوارحه عن المحرمات وهو صائم ليقارفها وقت الإفطار؟! وكأن رب الليل غير رب النهار! ولست أفهم من هو أعظم حالا وأشد مصابا، من يستجيب لربه بامتناعه عن الحلال من الطعام والنكاح وقت الصيام وهو يأتي المحرمات. أوليس في الحديث الشريف: "من لم يدع قول الزور –الباطل- والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" أوليس يفهم مساواة حق الله تعالى في استجابة أمره بالامتناع عن الحلال وقت الصيام، لاستجابته في الامتناع عن محرمات الليل والنهار؟!
-- -- -- -- -- -- -- --
أعاننا الله على صيامه وقيامه
هناك تعليقان (2):
حبيت ابارك بالشهر ويارب ينعاد عليكم بالخير والصحة والعافية والاجر
ودمتم بخير وسلام
مبارك الشهر الفضيل على الامة جميعا..
و الله يجزيك الخير اخ ابو اسامة على هذه الرقائق الرمضانية الجميلة ..
بوركت
إرسال تعليق