الأحد، 5 يوليو 2009

تسريح بإحسان

بسم الله الرحمن الرحيم

تسريح بإحسان
ليست مدونتي هذه لأموري الشخصية ولكنها هذه المرة المقدمة فحسب. أحيانا يسألني بعض الشباب عن فكرة الزواج وفرح الأحباب، ويقولون بعرسك إن شاء الله، ها متى ناوي؟ فأقول أن الله قد أذن بأربع، ولا شاغر عندي، فقد كفيت تجاذب الأهواء وشغلت عن لوعة الاشتياق، بدراستي في الجامعتين، وعطائي في المشروعين، وهذه أربع كاملة. وفي هذه الأيام قد جد جديد، فقد سرحت إحدى الجامعتين بإحسان، بعد أربع سنوات من العشرة الطيبة في كلية الشريعة، ولا تخلو عشرة من كدرة، ولا تضير المظلمة في مادتين –حيث لم أكن عنهما راض- من خمسين مادة. وقبل أن تأخذكم الظنون، فإني لست أعلن عن شاغر، ولا بنات حواء قاصد، فابنة حواء عن اثتنين إن لم تكن عن أربع، ولست مجازفا قبل أن أسرح الجامعة الأخرى. والآن نأتي إلى صلب هذه التدونية وهي متعة الجامعة التي سرحت، فإني أمتعها بثلاث توصيات لعل فيها حفظ مستقبلها بإذن الله:
الأولى/
كيف يصح لأمة لا عز لها إلا بالإسلام، أن تصنع حملته كحاطبة ليل! فمنذ عرفت كلية الشريعة وهي لا ترد يد لامس، فيأتيها المجبر والمخير وتقبل الجاد والهازل وتخرج الصحيح والفاسد. وأنّا لنا أن نلوم المجتمع على ضعف ثقته بحملة الشريعة بعد أن دخل كلية الشريعة المجبر من لم يؤهله معدله الدخول في غيرها مما يرغب، وبعد أن استضافت الهازل الذي لا يطلب علما وإنما وظيفة يأكل بها حطام الدنيا بعد أن يتخرج، وبعد أن خرجت منها الفاسد الذي لا يؤمن إلا برأيه ولا يرى إلا منطقه ولا يدرك حتى واقعه. فحق على أوليائها أن يرفعوا معدل القبول، وينظروا طموح المقبول، ويختبروا منهج الخريج قبل أن يحمل اسمها. فكلية الشريعة ليست مرمى للنفايات ولا مرتعا للهازلين ولم تكن لتفخر بالمنحرفين القصر، فيشوهون سمعة اسمها ويطمسون ضياء رسالتها.
الثانية/
الجامعة ليست مرحلة تلقي لأساسيات العلوم الشرعية، إنما مرحلة توسيع المدارك والأفاق وحوار للقناعات والآراء، ولكن لم تكن كذلك في كثير من المواد. وكان عذر المحاضر، أن الطلبة ليسوا بمستوى واحد، وأن هناك من لم يقرأ متنا فقهيا ولا غيره، فكيف له أن يطرح معنا نقاط الخلاف ويحرر محل النزاع! وإن كان عذر الدكتور معقولا إلا أنه أخذ البريء بجريرة المذنب، ولكن يشفع له أن الخطأ ليس منه وإنما من الكلية التي قبلت أي طالب وإن لم يملك المؤهلات الأساسية. فلم لا تكون كلية الشريعة كغيرها من الكليات التي يحتاج الطالب فيها لاجتياز سنة تمهيدية أو على الأقل فصل أو امتحانها قبل أن يأخذ موادها؟! وأقول لمن يتثاقل زيادة سنة دراسية، أن رأيك هذا على حساب الارتقاء بمستوى الكلية، فمستواها يتدنى سنة بعد سنة بشهادة الدكاترة الذين درسوا فيها لسنوات طويلة والذين تخرجوا منها ثم درسوا فيها.
الثالثة/
في نظام الوحدات العادل يتخرج الطالب الجامعي بمتوسط 15 ساعة دراسية في الفصل من غير الفصل الصيفي، وفي كلية الشريعة يتطلب من الطالب أن يتخرج بعدد 150 ساعة (هناك أربع مواد 3 ساعات أسبوعيا تعادل ظلما وحدة واحدة فقط ) خلال أربع سنوات وإلا عد متأخرا، أي بمعدل 19.7 ساعة فصلية على مدى 7 فصول حيث لا يسمح له في الفصل الأول بأخذ أكثر من 12 ساعة. وهذا النظام علاوة على أنه يشعر الطالب بالظلم، فإنه يدفع الطالب لعدم البحث العلمي والاستزادة الخارجية، ويدفع الدكتور لعدم التكليف الإضافي في المواد، حتى قل من يكلف ببحث في مادته. وهذا أيضا ينزل بمستوى مخرجات هذه الكلية الشريفة رفع الله قدرها. ومن هذا المنطق أقترح جعل الشريعة خمس سنوات نظامية مع ضبط المواد والتكاليف للإرتقاء بمستوى الطلبة.
هذا والله أسأل أن يعينني على القيام بحق العلم ومن علمنيه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.