الثلاثاء، 19 مايو 2009

ها هو الشعب يلتفت، فلنلتفت

بسم الله الرحمن الرحيم
ها هو الشعب يلتفت، فلنلتفت
بداية أتقدم بالتهنئة للكويت باجتياز فترة التحضير (الانتخابات) والدخول في ميادين التطبيق (الدورة البرلمانية)، ومن ثم أعزي الاسلاميين بتراجع مقاعدهم ومراكزهم باختيار شعبهم. الشعب الذي جربهم ثم التفت عنهم بعد أن لم يجد ما يميزهم ليجرب غيرهم. وأنا في هذه المقالة بعد الرضا وحمد من لا يحمد على مكروه سواه، لن ألتفت لأضع اللوم على غير الإسلاميين والله تعالى يقول: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم). وفي نقاط ثلاث مختصرة أعبر عن رأيي القاصر في مواضع القصور، وسأستشهد بأدبيات الإخوان المسلمين لأنهم أكبر الخاسرين في هذه الانتخابات، وليتعظ الجميع من الإسلاميين حزبيين ومستقليين فالحال واحدة، وليستخرج كل من أدبياته ما يعيد به بناء ذاته:

النقطة الأولى:
يقول الإمام البنا: "نحب أن نصارح الناس بغايتنا، وأن نجلي أمامهم منهاجنا، وأن نوجه إليهم دعوتنا، في غير لبس ولا غموض، أضوأ من الشمس، وأوضح من فلق الصبح، وأبين من غرة النهار." وما لمسته وأنا منهم وفيهم أن الإسلاميين لبسوا غير عبائتهم وتكلموا بغير لسانهم، حتى شابه خطابهم خطاب المستقليين أو حتى المحافظين من اللبراليين. فداروا في أسر مواضيع التنمية والصحة والتعليم، وخجلوا من التصريح بغايتهم الأولى -فضلا عن العمل لها- حتى تناساها بعضهم، وليس هذا إلا مثال وغيره تخيرهم من الفتاوى ما يروج سوقهم عند ناخبيهم حتى اختلفت اختياراتهم للأحكام بين المناطق الداخلية والمناطق الخارجية، وبين اسقاط الديون ودعم الشركات. فتساوى الإسلاميون مع غيرهم في نظر الشعب في المنطلقات والأداء.

النقطة الثانية:
يقول الإمام البنا: "واحرصوا على أن تكونوا صادقين لا تتجاوزون الحقيقة، وأن تكون دعايتكم في حدود الأدب الكامل، والخلق الفاضل، والحرص التام على جمع القلوب وتأليف الأرواح." فنبل الغاية يقتضي نبل الوسيلة ولكن على نقيض هذا الكلام قد كان عمل بعض الأحباب، فانشغلوا عن تحسين صورتهم الذهنية عند الشعب ووقعوا في النقد الهدام وضرب الآخرين بغية اسقاطهم ظنا منهم أنهم إنما يسوقون لأنفسهم، وكانت النتيجة أن استحق الخصم استعطاف الكثيرين، وكانوا المنتقدون منفعلين (بردهم على أفعال الخصوم) لا فاعلين (والفاعلون هم القادة). ونسوا أن صاحب الحجة القوية لا يحتاج في إقناع الناس بحجته لبيان عيوب الآخرين, ولم يدركوا أن الرسالة الأولى من الانتقاد الهدام، هي أن المنتقد صاحب موقف مخالف وليست أنه صاحب حق. ولنستأنس بقوله تعالى: (الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم).

النقطة الثالثة:
يقول الإمام البنا: "فقد وجب عليكم: أن تبينوا للناس غايتكم ووسيلتكم وحدود فكرتكم ومنهاج عملكم." وماذا يعني بهذا غير الشفافية، حتى نقيم الحجة على أنفسنا فتكون رادعة لتنكرنا لمبادئنا وقيمنا عندما تجتالنا المصالح الانتخابية والأهواء الشخصية، وحتى يتسنى أن يكون علينا رقيب من الشعب يعيننا ويقوم التفافنا، وحتى يبصم الشعب لنا بالمصداقية فلا يتهمنا أننا جيرنا مشاريعنا الإصلاحية الإيمانية والاجتماعية لمصلحة وصولنا لمقاعد البرلمان، هذا إن لم يزد باتهامنا أن مصلحتنا هناك مصلحة شخصية. وكيف بكم وقد استقر هذا في أذهان كثير من الشعب، والبنا يقول: "وعلى هذا فالإخوان المسلمون لا يطلبون الحكم لأنفسهم، فإن وجدوا من الأمة من يستعد لحمل ذا العبء وأداء هذه الأمانة والحكم بمنهاج إسلامي فهم جنوده وأنصاره وأعوانه"، وليس من دليل على فهم معنى هذه الكلمات إلا التجرد والتكامل مع التيارت الأخرى في سبيل عز الوطن ورفعه رايته بالإسلام.
وأختم بقول الإمام: "لقد أراد الله أن نرث هذه التركة المثقلة بالتبعات، وأن يشرق نور دعوتكم في ثنايا هذا الظلام، وأن يهيئكم الله لإعلاء كلمته وإظهار شريعته وإقامة دولته من جديد."

هذا والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.