السبت، 30 أغسطس 2008

نشوة سيد الشهور



بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله

إخواني وأخواتي

بداية أعتذر عن الانقطاع في الفترة الماضية لظروف سفري ولأن موقع التدوين محجوب في البلد الذي أنا فيه حاليا. وبمناسبة تشريف شهر رمضان الذي أبارك لكم في قدومه، وبداية حملة ركاز لتعزيز الأخلاق التاسعة تحت شعار "لذة الطاعة.. جربها" أقدم لكم هذه المقالة وهي غير فكرية كما وعدت وإنما أدبية وعظية خفيفة على الروح إن شاء الله.

-- -- -- -- -- -- -- -- -- --


نشوة رمضان



قالها الداعية التركي فتح الله كولن: "إن كان هناك شهر لا تنتهي نشوته، ولا تنفذ بهجته، ولا يبلى الوجد عنده فهو شهر رمضان"، نعم، ففيه تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار وتصفد الشياطين كما في الحديث المتفق عليه. كيف لا؟! وهو ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن )، شهر القرآن الذي من فهمه حق الفهم "تصبح البحار الواسعة كقطرة ماء أمام ما يرد إلى صدره من إلهام، والعقل الذي تنور بنوره تتحول الشمس تجاهه إلى مجرد شمعة".


فهو شهر أيامه فريدة المشاعر، ذات ليل مؤنس بقيام المصلين وتلاوة الذاكرين، ونهار دافئ بأنوار أرواح الصائمين. حق له أن يكون سيد الشهور. كيف لا؟! ومن فضله أنه كبستان تنوعت أزهاره حتى هبت فيه النسمات من كل جهة برائحة مختلفة. فطول النهار تهب نسائم تحمل عبق الصيام المشعر باطلاع الله على السر وأخفى، وتارة يلفح نسيم آيات القرآن بنشوة ترقى بتاليها أعلى الدرجات، وتارة أخرى تبهج الأنفس بروائح أزهار الصدقة ومساعدة المحتاجين، وعند الغروب تنعم بطيب نشا مسك صلة الأقارب والأرحام على موائد الإفطار، وبعده تلامس بشرتنا ريح زهر الصلوات الدافئة التي تشعر بصلة العبد بربه وقربه حين التلذذ بمناجاته.


لذة رمضان لا يذوقها المؤمن حتى يحقق كمال صيامه. وكماله ليس بمجرد حفظ النفس من شهوتي الطعام والنكاح، ولا حتى الجوارح عن المحرمات؛ فمثل رمضان حينها كمثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها. إن رمضان لا يكون كالأترجة ريحها طيب وطعمها طيب حتى يضم الصائم فعل الخيرات إلى كفه عن المحرمات. فيضم تقليب بصره متفكرا في آيات الله إلى غضه عن العورات، ولهج لسانه بذكر الله وتلاوة القرآن إلى حفظه عن الفحش والغيبة، وإنصاته إلى تلاوات القرآن وحديث العلماء والدعاة إلى حفظه سمعه عن المنكرات، والصدقة ومساعدة المحتاجين إلى كف يده عن البطش والظلم، والسعي إلى المساجد وفي دروب خير إلى كف رجله عن المشي إلى المحرمات.


وإن لكل معان من استشعرها حفظه الله أن يكون ممن قال فيهم الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم: "رب قائم حظه من قيامه السهر، ورب صائم حظه من صيامه العطش". وحيث من علامات قبول الطاعة دوامها، كيف بمن يخرج من الصلاة وقيام الليل إلى مجالس يفوح منها نتن المنكرات؟! أليس الله تعالى قال: ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ) . وكيف بمن يحفظ جوارحه عن المحرمات وهو صائم ليقارفها وقت الإفطار؟! وكأن رب الليل غير رب النهار! ولست أفهم من هو أعظم حالا وأشد مصابا، من يستجيب لربه بامتناعه عن الحلال من الطعام والنكاح وقت الصيام وهو يأتي المحرمات. أوليس في الحديث الشريف: "من لم يدع قول الزور –الباطل- والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" أوليس يفهم مساواة حق الله تعالى في استجابة أمره بالامتناع عن الحلال وقت الصيام، لاستجابته في الامتناع عن محرمات الليل والنهار؟!

-- -- -- -- -- -- -- --

أعاننا الله على صيامه وقيامه

الاثنين، 4 أغسطس 2008

حركة إصلاحية *مباركة إن كانت مؤقتة*

تعليق بسيط في ظلال قرار المحكمة الدستورية التركية

حركة إصلاحية *مباركة إن كانت مؤقتة*


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بداية أحمد الله أن أديت اليوم آخر امتحان لمواد الفصل الصيفي في الجامعة.
بعد حوالي الثلاثة عشر يوم من تدويني مقال "الاستمرار في استغلال الموارد المتاحة في المناطق المسموحة" والذي يتحدث عن الدرس المستفاد من التجربة التركية، سرني قرار المحكمة الدستورية في تركيا برفض إغلاق حزب العدالة والتنمية فأحمد الله على ذلك، وإن كنت أراه حزبا أوروبيا لا إسلاميا إلا أنني أعتبره حركة إصلاحية *مباركة إن كانت مؤقتة*، تصلح لسياسة تركيا في الأوضاع الحالية بما يهيئ الظروف لصعود حزب إسلامي من ورائه، وقد يكون ما لا يريد أن أشهده من فهم الإسلام كمنهج ليقيم مصالح العباد والبلاد من صعود في تحول الاسلام السياسي التركي إلى الإيمان بالعلمانية الجزئية والتوسع نحو الخارج (الغرب) لا العمق الإسلامي، مما يصل في النهاية إلى عدم التمييز بين السياسي ذو الجذور الإسلامية أو الجذور العلمانية، لتكون النتيجة في عودة نماء العلمانية الشاملة بمجرد إحراز أي نجاح اقتصادي للأحزابها إذ سيكون برأيي الاقتصاد هو العامل الأقوى لتوجيه اختيار المواطن التركي.

عندي ثلاث نقاط أخيرة:

  • حكم المحكمة الدستورية لحزب العدالة لا يعد انتصارا للحزب بقدر ما يعد تجاوز محنة، ولا يعد انتصارا للديموقراطية بقدر ما يعد حفظا لماء وجهها بعدم إغلاق حزب صوت له بنسبة 47%.
  • من خلال فرض عقوبات مالية جزئية على الحزب أثبت الحكم إدانة الحزب وهذا شيء يحز بالخاطر، وبالمناسبة أرسل تحية لرئيس المحكمة الذي أعتقد أنه كان أعقلهم برفضه القضية برمتها.
  • أخيرا، أمنيتي أن يعطي هذا القرار لرجال الحزب وقت أطول وفرصة أكثر للتغلغل في مؤسسات الدولة بما يساعدها على المناورات السياسية -وهم لذلك أهل- بشكل أفضل، خاصة مع ما ظهر على السطح من تأثير الصفقات السياسية على قرارات المحكمة الدستورية، على أمل أن يعيدوا الكرة برفع حظر الحجاب في الجامعات.

هذا والله أعلم.